يُعد هوس السرقة (Kleptomania) اضطرابًا نفسيًا يتسم بالحاجة الملحة والمتكررة لسرقة أشياء غير ضرورية وليس لها قيمة حقيقية بالنسبة لهم.
هذا الاضطراب يؤثر على حياة الأفراد بطرق متعددة، مما يسبب لهم ولعائلاتهم الكثير من القلق والمشاكل.
وعلى الرغم من أن السرقة قد تبدو سلوكًا عاديًا أو جريمة بسيطة، فإن مرض السرقة هي حالة طبية تتطلب فهمًا عميقًا وعلاجًا متخصصًا.
في هذا المقال، يذكر الدكتور أحمد دبور أخصائي الطب النفسي أسباب مرض السرقة، تأثيراته النفسية والاجتماعية، وطرق العلاج المتاحة لمساعدة الأفراد على التعامل مع هذه الحالة والتغلب عليها.
هل هوس السرقة يعتبر مرض نفسي؟
نعم، مرض السرقة أو هوس السرقة هو اضطراب نفسي يتسم بالحاجة القهرية لسرقة أشياء ليست ضرورية ولا ذات قيمة كبيرة.
ويُعزى هذا الدافع إلى مشكلات نفسية وعاطفية بدلاً من الحاجة المالية، والمقصود أن مرض السرقة يختلف عن السرقات المترتبة على الحاجة الاقتصادية أو الدوافع الشخصية الأخرى، حيث يرتبط باضطراب في التحكم العاطفي والسلوكي.
وعادةً ما يعاني الأفراد المصابون بالمرض من شعور بالذنب والقلق بعد القيام بالسرقة، بالإضافة إلى أن هذه المشكلة قد تؤدي إلى مشاكل قانونية، وعلاقات شخصية متوترة، وضغط نفسي كبير على الأفراد والعائلات.
اقرأ أيضًا: كيف أعالج نفسي من الخوف من المرض؟
الأسباب المؤدية إلى هوس السرقة
تشمل الأسباب والعوامل المؤدية لتطور هذا الاضطراب ما يلي:
العوامل البيولوجية
قد يكون هناك تغيرات في كيمياء الدماغ، حيث أن هذه الاختلالات في الناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين قد تؤدي إلى سلوكيات قهرية.
فالسيروتونين يساعد في تنظيم المزاج والسلوك، بينما يؤثر الدوبامين على نظام المكافأة والشعور بالمتعة، وعدم توازن هذه المواد يمكن أن يساهم في ظهور سلوكيات قهرية مثل السرقة.
العوامل الوراثية
بعض الدراسات تشير إلى أن هناك احتمالية أعلى لتطوير مرض السرقة إذا كان هناك تاريخ عائلي للاضطرابات النفسية أو السلوكية.
الاضطرابات والعوامل النفسية
الأشخاص المصابون بهوس السرقة قد يواجهون صعوبة في إدارة مشاعرهم مثل التوتر والقلق، حيث أنه بدلاً من التعامل مع هذه المشاعر بطرق صحية، قد يلجأون إلى السرقة كوسيلة للتخفيف الفوري من الضغط النفسي أو الشعور بالراحة.
وبالتالي هذه السلوكيات القهرية تمنحهم شعوراً مؤقتاً بالتحكم أو الإشباع، مما يعزز الاستمرار في هذه الأفعال.
بالإضافة إلى أنه قد يكون هناك ارتباط بين مرض السرقة واضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو القلق، حيث أن الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات قد يكونون أكثر عرضة لتطوير سلوكيات قهرية.
العوامل الاجتماعية والبيئية
قد تؤثر تجارب الطفولة، مثل الإهمال أو الإساءة، على تطوير السلوكيات القهرية في مرحلة البلوغ، بالإضافة إلى أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية قد تساهم في تفاقم الأعراض.
الشعور بالفراغ
السرقة قد تكون محاولة لملء فراغ عاطفي أو نفسي يشعر به الشخص.
ما هي أعراض هوس السرقة؟
الأعراض الرئيسية لمرض هوس السرقة هي أن الشخص يتصرف بناءً على رغبة أو حاجة لا يمكن مقاومتها لسرقة الأشياء، وغالبًا ما ينطوي ذلك على واحد أو أكثر من الأمور التالية:
- رغبة شديدة وغير قابلة للتحكم في سرقة أشياء ليست ضرورية ولا ذات قيمة حقيقية.
- السرقة غالبًا ما تحدث دون تخطيط مسبق، ويقوم الشخص المصاب بمرض السرقة بتنفيذها بمفرده.
- الشعور بالراحة المؤقتة أو التخفيف من التوتر بعد القيام بالسرقة، رغم الشعور بالندم والذنب لاحقًا.
- شعور بالقلق أو التوتر المتزايد قبل ارتكاب السرقة، والذي يخفف بعد السرقة.
- الاختيار العشوائي للأشياء، أي سرقة أشياء ليس لها قيمة حقيقية للشخص، وليس بسبب الحاجة المالية أو الاقتصادية.
- محاولة إنكار السلوك القهري أو تقديم تبريرات غير منطقية لعملية السرقة.
- بعض الأشخاص قد يتخلصون من الأشياء المسروقة، أو يعطونها للآخرين، أو يتبرعون بها للجمعيات الخيرية، وفي حالات أقل شيوعًا، قد يقوم البعض بتخزين المسروقات ثم يعيدونها سرًا.
كيف يتم علاج هوس السرقة؟
علاج هوس السرقة يشمل استراتيجيات متعددة تهدف إلى معالجة السلوك القهري والاضطرابات النفسية المرتبطة به.
يمكن أن يتضمن العلاج ما يلي:
العلاج النفسي
والذي قد يتضمن:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، حيث أنه يساعد المرضى على فهم وتغيير الأفكار والسلوكيات التي تساهم في هذا السلوك، بالإضافة إلى أن العلاج يركز على تطوير استراتيجيات للتحكم في الدوافع والتعامل مع المشاعر.
- العلاج الجماعي: يتيح هذا النوع من العلاج للأفراد التفاعل مع الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة، مما يوفر دعمًا اجتماعيًا وتبادلًا للتجارب والنصائح.
التنويم المغناطيسي
يُستخدم التنويم المغناطيسي في بعض الحالات كأداة علاجية لمساعدة الأفراد على الوصول إلى حالة من الاسترخاء العميق وتعزيز الوعي الذاتي.
قد يساعد التنويم المغناطيسي في معالجة هذه السلوكيات من خلال تحسين قدرة الأفراد على التركيز وتغيير أنماط التفكير غير الصحية.
العلاج الدوائي
قد توصف أدوية مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق للمساعدة في تنظيم المواد الكيميائية في الدماغ والتقليل من السلوكيات القهرية.
بالإضافة إلى أن هذه الأدوية قد تساعد أيضًا في معالجة المشكلات النفسية المرافقة مثل الاكتئاب أو القلق.
التدريب على المهارات الاجتماعية والتقنيات
يتم مساعدة المرضى على تحسين مهاراتهم في التواصل والتعامل مع الضغوط الاجتماعية بطرق أكثر صحية.
كما أنه يتم تعليم المرضى تقنيات للتعامل مع الرغبات القهرية والسيطرة على السلوكيات القهرية من خلال استراتيجيات مثل التأمل أو الاسترخاء.
ما آثار هوس السرقة على الشخص والمجتمع؟
تتضمن ما يلي:
- مشاكل نفسية، مثل: القلق والاكتئاب.
- تدهور العلاقات الشخصية.
- فقدان الثقة بين الأفراد سواء في العائلة أو الأصدقاء.
- يمكن أن يشعر الشخص بالاضطرار لإخفاء سلوكه عن الآخرين، مما يؤدي إلى الانعزال الاجتماعي ويزيد من الشعور بالوحدة.
- مواجهة مشاكل قانونية قد تتضمن الملاحقة القضائية والعقوبات، مما يؤثر على حياتهم المهنية والشخصية.
- تحمل تكاليف مالية، مثل: تكاليف العلاج النفسي أو الدوائي، بالإضافة إلى أي تكاليف قانونية ناتجة عن السرقات.
كيف أساعد نفسي إذا كنت مصاب بـ هوس السرقة؟
إذا كنت مصابًا بمرض السرقة، هناك عدة خطوات يمكنك اتخاذها لمساعدتك في إدارة الحالة وتحسين نوعية حياتك:
- اطلب المساعدة من الطبيب لمساعدتك على فهم سلوكك وتطوير استراتيجيات للتعامل معه، ولمناقشة خيارات العلاج الدوائي إذا كان هناك حاجة.
- تعلم استراتيجيات لإدارة الرغبات القهرية بشكل فعال، مثل استخدام تقنيات التأمل أو الاسترخاء.
- العثور على مجموعة دعم لمشاركة التجارب والتعلم من الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة.
- تدوين السلوكيات والأسباب المحتملة التي تؤدي إلى هذا السلوك، بالإضافة إلى تحديد وتجنب المواقف أو الأماكن التي قد تزيد من الرغبة في السرقة.
اقرأ أيضًا: كيف أعرف أني أحتاج طبيب نفسي؟
المصادر:
- Kleptomania. (2024, May 1). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/9878-kleptomania
- Kleptomania – Symptoms and causes – Mayo Clinic. (2022b, September 30). Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/kleptomania/symptoms-causes/syc-20364732#:~:text=Overview,generally%20don%27t%20really%20need