يظهر الاضطراب الوهامي كحالة نفسية تطغى على الفهم الصحيح للواقع، مما يؤثر على تفاعلات الفرد مع العالم من حوله.
يتميز الاضطراب الوهامي بظهور أفكار وأوهام لا أساس لها في الحقيقة، حيث يتصور الشخص أحداثًا أو وقائع لا تتناسب مع الواقع المحيط به، وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير على حياة الفرد وعلاقاته الاجتماعية.
يقدم لك الدكتور أحمد دبور أخصائي الطب النفسي أبرز المعلومات حول أسباب هذا الاضطراب وأعراضه، وكيف يتم توفير الدعم والرعاية للأشخاص المصابين به، تابع معنا لتتعرف على التفاصيل.
ما هو الاضطراب الوهامي؟
يعد الاضطراب الوهامي من حالات الصحة النفسية التي لا يستطيع فيها الشخص التمييز بين ما هو حقيقي وما هو متخيل.
وغالبًا ما يعاني المصابون بالاضطراب الوهامي من:
- أوهام غير غريبة، حيث أنها تتضمن مواقف يمكن أن تحدث في الحياة الواقعية، مثل: أن تتم متابعة الشخص، أو خداعه وغيرها من الأوهام.
وعادةً ما تنطوي هذه الأوهام على سوء تفسير للتصورات أو التجارب، أي أن هذه المواقف إما غير صحيحة أو مبالغ فيها إلى حد كبير.
- عادةً يستمر المصابين بهذا الاضطراب في التواصل الاجتماعي والأداء بشكل جيد بصرف النظر عن موضوع الأوهام، وغالبًا لا يتصرفون بطريقة غريبة أو غير عادية.
ومع ذلك قد يصبح البعض من المصابين بالاضطراب الوهمي منشغلين جدًا بأوهامهم لدرجة أن حياتهم قد تتعطل.
- لا يؤثر الاضطراب الوهامي عادةً بشكل كبير على الأداء اليومي للشخص لكن شدة الوهم قد تتفاقم تدريجيًا.
أنواع الاضطراب الوهامي
يوجد أنواع مختلفة من الاضطراب الوهامي والتي يتم تحديدها بناءً على الأفكار الرئيسية للأوهام التي يعاني منها الشخص، وتشمل الأنواع ما يلي:
- الشهوانية
والمقصود به أن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاضطراب أن شخصًا آخر غالبًا ما يكون شخصًا مهمًا أو مشهورًا يقع في حبهم.
- جنون العظمة
الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاضطراب لديهم شعور مبالغ فيه بقيمة الذات أو القوة أو المعرفة أو الهوية.
حيث أنهم يعتقدون أن لديهم موهبة عظيمة أو أنهم حققوا اكتشافًا مهماً.
- الغيرة
في هذا النوع يعتقد بعض الأشخاص أن أزواجهم أو شركائهم غير مخلصين دون أي دليل ملموس.
- الاضطهاد
في هذه الحالة يعتقد الشخص المصاب بهذا النوع من الاضطراب الوهامي بأن شخصأ ما أو شيئًا ما يسئ معاملته أو يتجسس عليه، أو يحاول إيذائه.
- الجسدي
خلال هذا النوع يعتقد الأشخاص المصابين بهذا النوع أن لديهم مشكلة جسدية أو مشكلة طبية.
- الاضطراب الوهامي المختلط
أي أن الشخص المصاب بالاضطراب الوهامي قد يعاني من نوعين أو أكثر من أنواع الأوهام المذكورة أعلاه.
أعراض الاضطراب الوهامي
عادةً ما تشمل الأعراض، ما يلي:
- الأوهام غير الغريبة.
- مزاج غريب.
- الغضب أو القلق.
- عدم القدرة على رؤية الأوهام على أنها كاذبة أو مزعجة.
- عدم الثقة بالأصدقاء والعائلة.
- الميل إلى حمل الضغينة بدون سبب حقيقي.
- ردود فعل مبالغ بها على الإهانات المتصورة أو الملاحظات والحوادث غير المؤذية.
- الهلوسة، رؤية أو سماع أو الشعور بأشياء ليست موجودة مرتبطة بالوهم.
أسباب الاضطراب الوهامي
يعد السبب الرئيسي للاضطراب الوهامي غير معروف بعد، ولكن يعتقد الخبراء أن بعض العوامل تلعب دورًا للإصابة به، وأبرزها:
- العوامل الوراثية
يعتقد أن الاضطراب الوهامي أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين لديهم أفراد في العائلة يعانون من الاضطراب الوهامي أو الفصام.
وكما هو الحال مع الاضطرابات النفسية الأخرى، أن الميل للإصابة بالاضطراب الوهامي قد ينتقل من الآباء إلى أطفالهم.
- العوامل البيولوجية
قد تكون مناطق الدماغ غير الطبيعية التي تتحكم في الإدراك والتفكير مرتبطة بالأعراض الوهمية.
- العوامل البيئية أو النفسية
تشير الأدلة إلى أن التوتر يمكن أن يؤدي إلى الاضطراب الوهامي، بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يميلون إلى العزلة أو الذين يعانون من ضعف البصر والسمع هم أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب.
كيف يتم تشخيص الاضطراب الوهامي؟
لا توجد اختبارات محددة لتشخيص الاضطراب الوهامي، ولكن يقوم الطبيب بإجراء الفحوصات التشخيصية لاستبعاد الأمراض الجسدية أو الأمراض النفسية الأخرى.
بعد ذلك يقوم الطبيب بتشخيص الاضطراب اعتمادًا على الأعراض وملاحظته الخاصة لموقف الشخص وسلوكه، وذلك بناءً على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية.
وبالتالي يتم تشخيص الاضطراب إذا كان الشخص يعاني:
- واحد أو أكثر من الأوهام التي تستمر لمدة شهر أو أكثر.
- لم يتم تشخيص إصابة الشخص بالفصام من قبل، أما الهلوسة إذا كانت لديه فهي مرتبطة بالأوهام.
- نوبات الهوس أو الاكتئاب الشديد القصيرة.
- عدم وجود اضطراب عقلي أو دواء أو حالة طبية أخرى.
كيف يتم علاج الاضطراب الوهامي؟
غالبًا لا يسعى الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض إلى علاج الحالة من تلقاء أنفسهم لأن معظم الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة لا يدركون أن أوهامهم إشكالية أو غير صحيحة.
لذلك من الأفضل زيارة الطبيب النفسي للحصول على التشخيص والعلاج المناسب لتجنب تفاقم الاضطراب، وقد يشمل العلاج ما يلي:
- العلاج النفسي
يهدف العلاج النفسي أو ما يسمى بالعلاج السلوكي المعرفي إلى مساعدة الأشخاص على تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوكيات المزعجة.
بالإضافة إلى أنه يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب أن يتعلموا السيطرة على أعراضهم.
- مضادات الذهان من الجيل الأول (التقليدية)
تساعد الأدوية على منع مستقبلات الدوبامين في الدماغ، والذي يعتقد بأنه يشارك في تطور الأوهام، وتشمل الأدوية ما يلي:
- كلوربرومازين (Chlorpromazine).
- فلوفينازين (Fluphenazine).
- هالوبيريدول (Haloperidol).
- لوكسابين (Loxapine).
- بيرفينازين (Perphenazine).
- ثيوريدازين (Thioridazine).
- ثيوثيكسين (Tiotixene).
- تريفلوبيرازين (Trifluoperazine).
- مضادات الذهان من الجيل الثاني (غير التقليدية)
تعمل هذه الأدوية على منع مستقبلات الدوبامين والسيروتونين في الدماغ، ومن أبرز الأمثلة عليها:
- أريبيبرازول (Aripiprazole).
- أسينابين (Asenapine).
- بريكسبيبرازول (Brexpiprazole).
- كاريبرازين (Cariprazine).
- لوراسيدون (Lurasidone).
- كيتابين (Quetiapine).
- زيبراسيدون (Ziprasidone).
- ريسبيريدون (Risperidone).
- أدوية أخرى
الأدوية الأخرى التي قد يصفها الطبيب، تشمل:
- مضادات الاكتئاب.
- المهدئات.
- مضادات القلق.
المضاعفات
إذا ترك دون علاج، فقد يؤدي إلى:
- الاكتئاب.
- العزل الاجتماعي.
- التعرض للمسائلة القانونية.
- إيذاء النفس أو إيذاء الآخرين.
ما الفرق بين الاضطراب الوهامي والفصام؟
الفصام هو طيف أو مجموعة من الحالات التي تنطوي على أعراض ذهانية، مثل: كلام أو سلوم غير منظم.
وبالتالي يختلف الاضطراب الوهامي عن الفصام بأنه لا توجد أي أعراض ذهانية غير الأوهام، بالإضافة إلى أنه على النقيض من الفصام فإن الاضطراب الوهامي نادر نسبيًا ولا يضعف الأداء اليومي كما هو الحال في الفصام.
هل يمكن الوقاية من الاضطراب الوهامي؟
لا توجد طريقة معروفة للوقاية من هذا الاضطراب، ومع ذلك يمكن أن يساعد التشخيص والعلاج المبكر في تقليل الاضطراب في حياة الشخص وعائلته.
هل يعود الاضطراب الوهامي مرةً أخرى بعد العلاج؟
غالبًا ما يكون التشخيص أفضل عند الالتزام بخطة العلاج الموصوفة من قبل الطبيب، حيث أنه يتعافى ما يقارب:
- 50% من الأشخاص يتعافون بشكل كامل.
- أكثر من 20% من الأشخاص يلاحظون انخفاض في الأعراض.
- أقل من 20% من الأشخاص يبلغون عن تغير بسيط في الأعراض.
المصادر:
- Professional, C. C. M. (n.d.-b). Delusional disorder. Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/9599-delusional-disorder
- Delusional Disorder: Types, symptoms, and treatment. (2006, February 1). WebMD. https://www.webmd.com/schizophrenia/delusional-disorder
- Gupta, S. (2022, November 20). What is delusional disorder? Verywell Mind. https://www.verywellmind.com/delusional-disorder-symptoms-causes-and-treatment-6826265
- Southcoast Behavioral Health Hospital. (2019, April 8). Delusional disorder causes & effects. https://www.southcoastbehavioral.com/delusional-disorder/signs-symptoms/