الصمت الانتقائي هو اضطراب قلق معقد يظهر غالبًا في مرحلة الطفولة. يتميز بعدم قدرة الطفل على التحدث أو التواصل في مواقف اجتماعية محددة، مثل المدرسة أو النوادي، رغم قدرته على التحدث بحرية في المنزل أو بيئة يشعر فيها بالأمان.
الأطفال المصابون بالصمت الانتقائي لا يرفضون الكلام عن رغبة، بل يواجهون صعوبة حقيقية في النطق في مواقف معينة.
كيف يعاني الأطفال المصابون بالصمت الانتقائي؟
غالبًا ما يرتبط الصمت الانتقائي باضطرابات القلق الاجتماعي، إذ يعاني أكثر من 90٪ من الأطفال المصابين منه من الخوف أو الرهاب الاجتماعي.
يتميز الأطفال بعدم الرغبة في المشاركة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة، مع صعوبة في بدء أو الاستجابة للتواصل غير اللفظي.
تختلف مظاهر الصمت كالتالي:
- صمت تام وعدم القدرة على التواصل مع أي شخص.
- الجلوس في مكان منعزل ومنحني.
- التحدث بهمس أو مع بعض الأشخاص فقط.
متى يظهر الصمت الانتقائي؟
- يبدأ غالبًا في مرحلة الطفولة المبكرة بين عمر 2 و8 سنوات.
- يظهر عند التعامل مع أشخاص خارج دائرة الأسرة، مثل عند الالتحاق بالحضانة أو المدرسة.
- يمكن ملاحظته من خلال التأثير على التواصل الاجتماعي والقدرات التربوية للطفل.
أعراض الصمت الانتقائي
- تباين ملحوظ في القدرة على التحدث مع أشخاص مألوفين مقابل غرباء.
- تجمد تعابير الوجه وتجنب التواصل البصري مع الغرباء.
- أعراض أخرى:
- العصبية والانزعاج أو التصرف بغرابة.
- الخجل والانسحاب الاجتماعي.
- فقدان الاهتمام أو سوء السلوك.
- العبوس والتوتر.
- العناد أو العدوانية أو نوبات الغضب.
- أعراض جسدية مثل الغثيان، الصداع، أو آلام المفاصل.
- العصبية والانزعاج أو التصرف بغرابة.
- بعض الأطفال يستخدمون الإيماءات كبديل للتحدث، بينما يتجنب الآخرون أي شكل من أشكال التواصل.
أسباب الصمت الانتقائي والعوامل المرتبطة به
العوامل الجينية والميل للقلق
- قابلية وراثية لاضطراب القلق من أحد أفراد الأسرة أو أكثر.
- علامات القلق الشديد تشمل: صعوبة التكيف، مشاكل النوم، نوبات الغضب والبكاء، الخجل الشديد، وتقلبات المزاج.
- اضطراب في وظيفة اللوزة الدماغية يؤدي إلى ردود فعل فسيولوجية تجاه مواقف التفاعل الاجتماعي، مما يظهر في شكل الصمت الانتقائي.
اضطراب في فهم المؤثرات الحسية
- صعوبة إدراك المعلومات من البيئة، أو رد فعل مبالغ فيه تجاه مؤثرات معينة مثل الأصوات أو الضوء.
- يساهم في صعوبة التأقلم مع المواقف الجديدة، الانطواء، القلق، أو نوبات الغضب.
صعوبات في الكلام واللغة
- مشاكل النطق، التأخر اللغوي، أو صعوبات السمع تدفع الطفل للشعور بالخجل والقلق، ما يدفعه إلى الصمت.
- يشكل هؤلاء حوالي 20-30٪ من الأطفال المصابين بالصمت الانتقائي.
اقرأ أيضًا: أفضل الطرق للتخلص من التوتر المستمر
علاج اضطراب الصمت الانتقائي
الاكتشاف المبكر يزيد من فرص نجاح العلاج. لا يقتصر العلاج على إجبار الطفل على التحدث، بل يركز على تخفيف القلق المرتبط بالتواصل.
- الخطوات العلاجية:
- السماح للطفل بالاسترخاء تدريجيًا في بيئته.
- التدرج في التحدث، بدءًا بكلمة واحدة وصولًا لجمل كاملة.
- الصبر وعدم إحراج الطفل أو الضغط عليه.
- تعزيز شعور الطفل بالمرح والتقليل من مسببات التوتر.
- مدح جهود الطفل في التواصل والإيماءات.
- تشجيع المشاركة في التجمعات الاجتماعية دون إجبار.
- السماح للطفل بالاسترخاء تدريجيًا في بيئته.
العلاج النفسي والدوائي
وتتضمن الخيارات التالية ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يركز على تعديل التفكير والتعامل مع القلق والخوف، فعال للمراهقين والبالغين الذين لم يعالجوا الصمت في الصغر.
- العلاج السلوكي: تحسين السلوكيات الإيجابية واستبدال السلوكيات السلبية، بما في ذلك تقنيات التعرض التدريجي (Graded Exposure) وتقنية Stimulus Fading.
- العلاج الدوائي: يستخدم أحيانًا للمراهقين والبالغين لعلاج القلق المصاحب، ولا يغني عن العلاج السلوكي.
المراجع:


