الحديث الإيجابي وتأثيره على الصحة النفسية

الصحة النفسية

في عالم مليء بالتحديات والضغوطات اليومية، أصبح للحديث الإيجابي وقوته التأثيرية دور كبير في تحسين الصحة النفسية والعقلية للأفراد. 

يعد الحديث الإيجابي ليس فقط أداة لتحسين العلاقات الاجتماعية وبناء الثقة بالنفس، ولكنه أيضًا طريقة فعالة لتعزيز الرفاهية العامة ومواجهة التحديات بإيجابية وثقة. 

في هذا المقال، يستعرض الدكتور أحمد دبور أخصائي الطب النفسي أهمية الحديث الإيجابي وتأثيره على الصحة النفسية.

الحديث الإيجابي وتأثيره على الصحة النفسية

الحديث الإيجابي هو الطاقة الحية التي يمكن أن تغير حياتنا وتحسن من نوعية حياتنا اليومية، حيث أن التفكير والتحدث بإيجابية يعتبر أحد أساسيات الصحة النفسية الجيدة والرفاهية العامة. 

فغالبًا ما تجد الشخص يوجه جمل تشجيعية وتحفيزية، مثل: “أنا سعيد حقًا لنفسي”، أو “أنا بخير” وغيرها من الأمثلة على الحديث الإيجابي الذي يوضح مدى شعور الشخص بالرضا عن نفسه.

إليك نظرة عن كثب على تأثير الحديث الإيجابي على الصحة النفسية:

تعزيز العقلية الإيجابية

إن الحديث بإيجابية يمكن أن يحسن من التفكير ويوجه العقل نحو الأفكار الإيجابية والبناءة، وهذا يساعد في تقليل القلق والتوتر وزيادة الشعور بالتفاؤل والأمل.

تحسين العلاقات الاجتماعية

الحديث الإيجابي يعزز من العلاقات الاجتماعية، حيث أنه يساعد في إقامة تواصل أفضل وبناء علاقات أكثر تعاونًا وتقديرًا.

زيادة الثقة بالنفس

عندما نتحدث بإيجابية، نبني صورة إيجابية عن أنفسنا ونزيد من ثقتنا بقدراتنا وقدرتنا على مواجهة التحديات وهذه من أهم التأثيرات الإيجابية على صحتنا النفسية.

تحسين الصحة العقلية

الحديث الإيجابي يساعد في الحد من الاكتئاب والشعور بالوحدة، ويعزز من الشعور بالسعادة والرضا عن الحياة.

تعزيز القدرة على التكيف

من أبرز فوائد الحديث الإيجابي أنه يساعد الأفراد على التكيف مع التحديات والمواقف الصعبة بشكل أفضل و بإيجابية، وتجعل الشخص يشعر بمزيد من السيطرة على حياته.

تقوية العزيمة والإصرار

الحديث الإيجابي يساعد في تعزيز العزيمة والإصرار لتحقيق الأهداف والتغلب على العقبات.

ما الفوائد الصحية الناتجة عن الحديث الإيجابي؟

من المعروف أن الحديث الإيجابي يعزز من أداء الشخص ورفاهيته العامة، بالإضافة إلى تأثيرها صحيًا على الشخص بفوائد عديدة، مثل:

  • زيادة الحيوية.
  • تحسين الجهاز المناعي.
  • انخفاض الشعور بالألم.
  • الشعور بالتوتر والضيق بشكل أقل.
  • الحصول على صحة بدنية أفضل.
  • تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الخوف الطبيعي والمرضي

الحديث السلبي وتأثيره على الصحة النفسية

الحديث السلبي يشير إلى سلسلة من الأفكار والتعبيرات السلبية والتوجهات التشاؤمية التي يقوم الفرد بتوجيهها لنفسه دون الحاجة للتواصل مع الآخرين، وغالبًا ما يكون هذا النوع من التفكير مدمرًا للصحة النفسية ويؤثر سلبًا على الحالة النفسية للفرد.

فغالبًا ما تجد الشخص يقول: “لن أتمكن أبدًا من القيام بذلك”، أو “أنا لست جيدًا في هذا”، أو “لقد جربت كل شيء فلا شيء ينجح” جميعها جمل تدل على الحديث السلبي حيث أنه في كثير من الأحيان لا يعكس الواقع.

أما بالنسبة لتأثير الحديث السلبي على الصحة النفسية، فهي تشمل ما يلي:

تدهور الحالة المزاجية 

يمكن أن يؤدي الحديث السلبي إلى تدهور المزاج وزيادة الشعور بالحزن والاكتئاب.

انخفاض الثقة بالنفس

يقلل الحديث السلبي من الثقة بالنفس والإيمان بالقدرة على التغلب على التحديات وتحقيق النجاح.

زيادة المخاوف والقلق

يزيد الحديث السلبي من المخاوف والقلق ويؤدي إلى تكبد الفرد للضغوط النفسية.

انخفاض القدرة الإنتاجية والتحفيز

يقلل الحديث السلبي من الإنتاجية والتحفيز، حيث أن الفرد يبدأ بالتقليل من جهوده ويشعر باليأس والإحباط.

العزلة الاجتماعية

قد يؤدي الحديث السلبي إلى الشعور بالعزلة والانعزال عن الآخرين، حيث أن الفرد يميل ليصبح أقل اجتماعية وأكثر انغماسًا في ذاته.

وبهذا نستنتج، أن الحديث السلبي يمثل تهديدًا كبيرًا للصحة النفسية، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الجودة العامة للحياة والعلاقات الاجتماعية، فمن الضروري التعرف على هذا النوع من التفكير ومحاولة تحويله إلى حديث إيجابي لتحسين الحالة النفسية والعامة للفرد.

كيف يمكن استبدال الحديث السلبي بالحديث الإيجابي؟

إن ملاحظة الحديث السلبي عن النفس وتغييره قبل أن يترسخ يمكن أن يساعد بعض الأشخاص على التفكير بشكل أكثر إيجابية وتغيير سلوكياتهم، فالخطوة الأولى دائمًا لجعل الحديث أكثر إيجابية هو تحديد التفكير السلبي.

ويجدر التنويه أن استبدال الحديث السلبي بالحديث الإيجابي يتطلب ممارسة وتمرين مستمر، ولكن يمكن تحقيقه من خلال التركيز والتمركز والتوجيه نحو التفكير البناء. 

فيما يلي بعض الطرق التي يمكن من خلالها استبدال الحديث السلبي بالحديث الإيجابي:

اسمع وتعلم

والمقصود بذلك قم بالتعرف على الحديث السلبي من خلال تحديد وتسجيل الأفكار والعبارات السلبية التي تتبادر إلى ذهنك، وقم بتقييم نفسك هل أنت داعم لنفسك؟ هل أنت منتقد أم سلبي؟

هذه الطريقة تساعدك بمرور الوقت في القدرة على التحكم بالأفكار والأحاديث السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية.

فكر بالأمر جيدًا

قم بتحليل الأفكار السلبية وتحدي صحتها ودقتها، واسأل نفسك هل هذه الأفكار تعكس الواقع بدقة؟ هل تبالغ في ردة فعلك تجاه أمرٍ ما؟ هل تشير إلى نفسك بمصطلحات مثل: سمين، غبي، يائس؟

بعد أن تحلل هذه الأفكار قم باستبدالها بجمل أكثر إيجابية وتشجيعية.

أعد صياغة الحديث

قم بإعادة صياغة الحديث السلبي إلى حديث إيجابي وتعلم أسلوب جديد للحديث مع النفس، مثلاً: من “لا أستطيع القيام بذلك” إلى “سأحاول قدر الإمكان تحقيق هذا”.

واستمر بالنظر من فترة إلى أخرى إلى الأفكار الموجودة لديك وأعد صياغتها بطريقة أكثر لطفًا وإيجابية.

استخدم الأسئلة التوجيهية وكرر الأفكار الإيجابية

عند مواجهة أي أفكار سلبية، قم بطرح الأسئلة التوجيهية مثل “هل هذا الفعل صحيح؟” أو “ما هي النتائج الإيجابية التي يمكن أن تحدث؟”.

ليس هذا فحسب بل قم بتكرار الأفكار والتوجيهات الإيجابية لنفسك بانتظام، واستخدم التكرار كأداة لتعزيز الإيجابية في تفكيرك.

حفز نفسك

ابحث عن مصادر التحفيز والإلهام، سواء من خلال القراءة، أو من خلال مشاهدة فيديوهات ملهمة، أو الانخراط في نشاطات تحفيزية.

بالإضافة إلى أن ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل تساعدك على تهدئة عقلك وجسمك، وتعزيز الوعي بذاتك والتركيز على الحاضر.

احصل على الدعم

قم بمشاركة أفكارك وتحدياتك مع المختص النفسي، والأصدقاء، والعائلة حيث أنك قد تحصل على الدعم والمشورة الجيدة لحالتك.

وبشكل عام ينصحك الدكتور أحمد دبور بتجنب الانغماس في الأفكار السلبية والالتزام بالتفكير الإيجابي، حتى تصبح هذه العادة الجديدة جزءًا من نمط حياتك.

متى يجب زيارة الطبيب النفسي فورًا؟

إذا كان الحديث السلبي يؤثر على الصحة العقلية للشخص فيجب الذهاب إلى الطبيب فورًا، حيث أن الحديث السلبي والأفكار المتكررة قد تكون علامات على حالة كامنة، مثل: القلق، أو الاكتئاب، أو الوسواس القهري.

الطبيب النفسي يمكن أن يقدم الدعم والإرشاد المهني للأفراد الذين يعانون من الحديث السلبي، إليك كيف يمكن للطبيب النفسي أن يساعد في التخلص من الحديث السلبي:

التقييم النفسي

الطبيب النفسي يقوم بتقييم الحالة النفسية للفرد لفهم أسباب ومسببات الحديث السلبي وتأثيره على الحالة النفسية.

التوجيه الإرشادي

يقدم الطبيب النفسي نصائح وتوجيهات محددة لمساعدة الفرد في تحديد وتغيير الأنماط السلبية للتفكير.

تعليم المريض تقنيات التفكير الإيجابي

يمكن للطبيب النفسي تعليم المريض التقنيات والاستراتيجيات التي تعزز الحديث الإيجابي وتقوية الثقة بالنفس.

كما أنه يساعد الفرد في زيادة الوعي الذاتي وفهم تأثير الحديث السلبي على الصحة النفسية والتفاعلات اليومية.

إجراء التمارين العقلية

يستخدم الطبيب النفسي التمارين والنشاطات التفاعلية لمساعدة الفرد على التعرف على الأفكار السلبية وتحويلها إلى أفكار إيجابية.

العلاج السلوكي المعرفي

يستخدم الطبيب النفسي العلاج السلوكي المعرفي لمساعدة الفرد على تغيير الأنماط السلبية للتفكير والتصرف.

بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والتشجيع للفرد لمواجهة وتحدي الأفكار والمشاعر السلبية بطريقة صحية.

العلاج الدوائي

في بعض الحالات، قد يقترح الطبيب النفسي استخدام العلاج الدوائي للمساعدة في إدارة الأعراض النفسية المرتبطة بالحديث السلبي، مثل الاكتئاب أو القلق.

في النهاية لا يقتصر تأثير الحديث الإيجابي على الصحة النفسية فقط، بل يمتد إلى تحسين الصحة العامة وزيادة الرفاهية والتوازن في الحياة، من خلال تغيير نمط التفكير والتواصل بإيجابية، يمكننا جميعًا تحسين نوعية حياتنا وتعزيز السعادة والرضا النفسي.

اقرأ أيضًا: الطفولة وتأثيرها على الصحة النفسية

المصادر:

  1. Holland, K. (2020, June 27). Positive Self-Talk: How talking to yourself is a good thing. Healthline. https://www.healthline.com/health/positive-self-talk#practice-daily
  2. Morris, S. Y. (2016, December 19). What are the benefits of Self-Talk? Healthline. https://www.healthline.com/health/mental-health/self-talk
  3. Newroads. (2022, February 1). How does positive Self-Talk impact mental health? -. New Roads Behavioral Health. https://newroadstreatment.org/how-does-positive-self-talk-impact-mental-health-2/
  4. Richards, L. (2022, March 18). What is positive self-talk? https://www.medicalnewstoday.com/articles/positive-self-talk#seeking-help
  5. Healthdirect Australia. (n.d.-d). Self-talk. What Is It and Why Is It Important? | Healthdirect. https://www.healthdirect.gov.au/self-talk
Tags: No tags

Comments are closed.