هل أنا مصاب بـ إدمان العمل؟

إدمان العمل

في عصر يتسم بسرعة الحياة والتكنولوجيا المتقدمة، يعتبر إدمان العمل ظاهرة تصيب الكثيرين.

فهل تجد نفسك دائمًا عالقًا في دوامة من العمل، حتى لو كنت في وقت الراحة؟ هل تشعر أحيانًا بأن الاهتمام بالعمل يسبب لك إحساسًا بالراحة أكثر من الأنشطة الاجتماعية أو الهوايات الشخصية؟

لذلك إذا كنت تتساءل ما إذا كنت مصابًا بإدمان العمل، سيجيبك الدكتور أحمد دبور أخصائي الطب النفسي في هذا المقال ويوضح لك أبرز علامات إدمان العمل وآثاره السلبية على الصحة والعلاقات، وما هي أفضل الطرق للتعامل معه للعثور على التوازن المثالي بين الحياة المهنية والشخصية.

ما المقصود بـ إدمان العمل؟

إدمان العمل هو حالة نفسية تتميز بالهوس والاهتمام المفرط بالعمل والانخراط فيه بشكل متواصل على مدار الساعة دون توقف.

بحيث يصبح العمل هو المحور الرئيسي لحياة الفرد ويأخذ الأولوية على حساب الاهتمام بالصحة الشخصية والعلاقات الاجتماعية والأنشطة الترفيهية الأخرى. 

يتميز المدمن على العمل بالشعور بالتوتر والقلق عندما يجد نفسه بعيدًا عن بيئة العمل، وقد تظهر عليه أعراض جسدية ونفسية سلبية عندما يتم منعه من العمل.

هل أنا مصاب بـ إدمان العمل؟

 رغم أن الشخص المدمن على العمل قد لا يلاحظ أعراض إدمانه بنفسه، إلا أن هناك علامات يمكن أن تكشف عن وجوده، إليك بعض العلامات التي قد تشير إلى أنك مصاب بـ إدمان العمل:

التفكير بشكل مستمر بالعمل

يجد الشخص نفسه دائمًا مشغول بالتفكير بالعمل حتى خارج ساعات العمل المعتادة.

بالإضافة إلى الشعور بالقلق أو الإرهاق وعدم القدرة على الاسترخاء عندما يكون بعيدًا عن بيئة العمل.

التضحية بجميع الأنشطة الخارجية بسبب العمل

يجد الشخص نفسه دائمًا مضحي بالأنشطة الاجتماعية أو الشخصية بسبب العمل، حيث أنه يضع العمل دائمًا في المقدمة حتى على حساب قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.

تجنب التعامل مع المشاكل الأخرى

الانشغال الشديد بالعمل يؤدي إلى تجاهل المشاكل الشخصية والأسرية الأخرى مثل العلاقات الاجتماعية والصحية، وهذا بدوره يؤدي إلى تدهور العلاقات.

الهوس بالعمل والنجاح

يمكن للشخص المدمن على العمل أن يكون متحمسًا بشكل مفرط لتحقيق النجاح وتحقيق الأهداف المهنية، بحيث يمكن أن يضحي بالراحة الشخصية والعلاقات الاجتماعية من أجل العمل. 

بالإضافة إلى أنه يمكن أن يشعر هؤلاء الأشخاص بالإدمان على الشعور بالتحقيق والنجاح، مما يجعلهم يستمرون في العمل بدون توقف، حتى يصبح العمل هو هدفهم الرئيسي في الحياة.

الشعور بالحاجة المستمرة لزيادة الجهد والإنتاجية

يتمثل في الإحساس بضرورة متواصلة لزيادة الجهد والإنتاجية في العمل، حيث يشعر الفرد بأنه يجب عليه العمل بشكل مستمر وبجهد أكبر لتحقيق مزيد من النجاح والتفوق، حتى لو كان ذلك على حساب الراحة الشخصية أو الصحة النفسية.

الخوف الشديد من الفشل في العمل

يعبر عن تجربة شعور متكرر ومفرط بالقلق والتوتر بشأن أداء الفرد في مجال عمله، حيث أنه يخشى بشدة من عدم تحقيق التوقعات المفروضة عليه، ويخشى أن يتعرض للفشل في إنجاز المهام بشكل صحيح أو في مواجهة تحديات العمل. 

التعب المفرط أو الإجهاد النفسي والجسدي

يمكن أن يتسبب هذا الضغط النفسي والبدني الزائد في تدهور الحالة الصحية بشكل عام، ويزيد من مستويات التوتر العصبي، مما يؤدي إلى تدهور الأداء في العمل وقدرة الشخص على التعامل مع المشاكل اليومية بشكل فعال.

وبشكل عام إذا وجدت أنك تجد صعوبة في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وأن العمل يسيطر على معظم أوقاتك وأفكارك، فقد تكون عرضة لإدمان العمل. 

أسباب تؤدي لـ إدمان العمل

أسباب إدمان العمل قد تكون متعددة ومتنوعة، وتشمل ما يلي:

الضغط الاجتماعي والثقافي المؤدي لـ إدمان العمل

يمكن أن يكون هناك ضغط اجتماعي أو ثقافي يفرض على الأفراد الحاجة إلى العمل المستمر وتحقيق النجاح المهني لتحقيق التقدير والاعتراف في المجتمع.

الرغبة في التقدم المهني

قد يدفع الرغبة في التقدم المهني وتحقيق الأهداف الشخصية في الحياة المهنية بعض الأشخاص إلى العمل بشكل مفرط دون أخذ الراحة الكافية.

الحاجة إلى كسب المزيد من المال

يمكن أن يكون الضغط الاقتصادي والحاجة إلى كسب المزيد من المال وتأمين الراحة المالية دافعًا لزيادة ساعات العمل وتفاني الفرد في العمل.

عدم وجود توازن بين الحياة المهنية والشخصية

قد يتسبب قلة التوازن بين الحياة المهنية والشخصية في الشعور بالضغط والقلق، مما يدفع الأفراد إلى العمل بشكل مفرط لتحقيق النجاح المهني على حساب الحياة الشخصية.

الهروب من المشاكل الشخصية

قد يستخدم بعض الأشخاص العمل المفرط كوسيلة للهروب من المشاكل الشخصية أو العواطف السلبية التي قد يواجهونها في حياتهم اليومية.

القلق الزائد بشأن الأمان الوظيفي

يمكن أن يؤدي القلق الزائد بشأن الأمان الوظيفي وخوف فقدان الوظيفة إلى زيادة الضغط على الأفراد للقيام بمزيد من العمل لإظهار قيمتهم وتأمين مكانتهم في الشركة.

العمل في بيئة تنافسية

قد يؤدي العمل في بيئة تنافسية إلى الشعور بالحاجة الملحة إلى إثبات الذات وتحقيق النجاح المهني، مما يدفع الأفراد إلى العمل بشكل مفرط للفوز في المنافسة.

كيف يؤثر إدمان العمل على الصحة الجسدية والنفسية؟

يؤثر هذا النوع من الإدمان  بشكل كبير على الصحة الجسدية والنفسية بعدة طرق، يمكن ذكرهم على النحو التالي:

آثار إدمان العمل على الصحة الجسدية

يتضمن:

  • التعب.
  • الإرهاق المزمن.
  • قلة النوم والإصابة باضطرابات النوم.
  • زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
  • زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
  • ضعف جهاز المناعة وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية.

آثار إدمان العمل على الصحة النفسية

تشمل ما يلي:

  • اضطرابات القلق.
  • الإصابة بالاكتئاب.
  • التوتر المستمر.
  • الشعور بالإحباط والإرهاق العاطفي.
  • الانعزال الاجتماعي والعلاقات السلبية.

كيف يتم علاج إدمان العمل؟

علاج هذا الإدمان يتضمن مجموعة من الخطوات والاستراتيجيات التي تهدف إلى التغلب على السلوكيات الضارة وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية. 

يقدم د. أحمد دبور بعض الطرق التي يتم بها علاج إدمان العمل:

التوعية والتقييم الذاتي

يتضمن في هذه المرحلة فهم الفرد لطبيعة إدمانه على العمل وتقييم الآثار السلبية التي يسببها هذا الادمان على حياته الشخصية والمهنية.

استشارة الطبيب النفسي لعلاج إدمان العمل

استشارة الطبيب النفسي تشكل جزءًا أساسيًا من عملية علاج إدمان العمل، حيث أن الطبيب يعمل على تقديم الدعم النفسي والتوجيه العاطفي، وهذا يتم من خلال توفير الراحة للفرد للتحدث بحرية عن مشاكله وتحدياته المتعلقة بالعمل والتوجه نحو حلول فعالة.

وبالتالي يستطيع الطبيب فهم أسباب الإدمان والتعرف على السلوكيات الضارة والمواقف التي تؤدي إلى التوتر والقلق، والمساعدة في التغلب على الضغوط النفسية والعواطف السلبية المرتبطة بالعمل. 

العلاج السلوكي المعرفي

أما العلاج السلوكي المعرفي، فيركز على تعلم الفرد تقنيات معينة للتحكم في العواطف السلبية وتخفيف التوتر والقلق المرتبطين بالعمل. 

يمكن أن تشمل هذه التقنيات تمارين الاسترخاء والتأمل وتقنيات التنفس العميق، التي تهدف إلى تحسين الوعي الذاتي وتهدئة الأعصاب.

تطوير استراتيجيات للتحكم بالعمل

يتعلم الفرد كيفية التحكم في ساعات العمل وإدارة الوقت بشكل أكثر فاعلية، بما في ذلك تحديد الأولويات وتنظيم الجدول الزمني وتقليل العمل الزائد.

تغيير نمط الحياة للتخفيف من إدمان العمل

يشمل هذا التغيير تحسين نوعية الحياة الشخصية بتعزيز الانشغال بالأنشطة الترفيهية والاجتماعية وتعزيز العلاقات الشخصية الصحية.

الدعم من العائلة والأصدقاء

يساهم الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة والمجتمع في تقديم الدعم والتشجيع للفرد للتغلب على إدمان العمل وتحقيق التوازن في حياته من خلال تحديد حدود واضحة بين العمل والوقت الشخصي والعائلي.

في ختام المقال، يؤكد دكتور أحمد أن العمل هو جزء مهم من حياتنا، ولكنه ليس محور الحياة، فالتوازن بين العمل والحياة الشخصية أمر حيوي للحفاظ على صحتنا النفسية والجسدية. 

فإذا كنت تشعر بأنك محاصر في دوامة من العمل المفرط وتجد صعوبة في التوازن، فلا تتردد في طلب المساعدة من الطبيب، وتذكر دائمًا أنك تستحق الراحة والاسترخاء بجانب النجاح والتحقيق المهني.

المصادر:

  1. Digital, A. (2023, August 10). What is Work Addiction? Signs & Symptoms. The Recovery Village Drug and Alcohol Rehab. https://www.therecoveryvillage.com/process-addiction/work-addiction/#
  2. Tyler, M. (2017b, December 19). Work addiction. Healthline. https://www.healthline.com/health/addiction/work
  3. Work Addiction – Addictions UK. (2022b, April 11). Addictions UK. https://addictionsuk.com/types-of-addictions/work-addiction/
Tags: No tags

Comments are closed.